تعتمد أغلب القطاعات التجارية في معظم دول العالم على الشحن البحري، ويزداد الطلب على الشحن البحري مع ازدهار الاقتصاد، وبأحيان كثيرة يمر بحالة ركود، فحالات الركود الاقتصادي تؤثر بشكلٍ عام على عمليات الشحن وخاصةً الشحن البحري، وفي الآونة الأخيرة ارتفعت مؤشرات أسعار الشحن البحري بشكلٍ كبير حيث تضاعفت أجور هذا الشحن عدة مرات خلال عام.

أسباب ارتفاع أسعار الشحن البحري

• عمليات الإغلاق التي شهدتها معظم دول العالم لانتشار وباء كوفيد 19، رجح المراقبون أنها أحد أسباب ارتفاع أسعار الشحن البحري.
• إلغاء عمليات الإغلاق إثر وباء كورونا، أدى إلى الطلب الكبير وبشكلٍ مفاجئ على السلع مما سبب ارتفاع أسعار الشحن البحري في جميع أنحاء العالم، بسبب الإزدحام والتأخير في أغلب الموانئ العالمية.
•  النقص الكبير في الحاويات الفارغة، بسبب احتجازها في الموانئ الخطأ، أي أنها بعيدةٌ عن موانئ الدول المصدرة لأغلب السلع التجارية سواءً الاستهلاكية أو الصناعية أو المواد الغذائية، ويُقصَد هنا دول شرق آسيا التي تُعتبر المورد الأساسي لأغلب هذه السلع.

• زيادة الطلب على الشحن البحري من قِبل المتسوقين عبر الإنترنت سواءً لشحن الأثاث المنزلي والمكتبي والأدوات المنزلية والمعدات الزراعية. 
• التراجع في بناء السفن التجارية والناقلات الكبرى، والتراجع في تصنيع حاويات الشحن. 
• توجه أغلب الشركات المالكة لتلك السفن لاستبدال وقود المحركات وهو الديزل بالغاز أو بما يعرف بالوقود الأخضر، وهو أغلى ثمنًا مما يسبب ارتفاع أسعار الشحن البحري. 
•  انخفاض العرض والطلب للسلع التجارية على مستوى العالم، مما سبب شبه جمودٍ في عمليات الشحن البحري، فأدى إلى اضطراباتٍ في عمليات التفريغ والتحميل وتعطيل الأرصفة والموانئ. 
• جنوح إحدى السفن التي سببت إغلاق قناة السويس في مارس 2021، والتي قيدت حركة السفن التجارية واحتُجِزت في البحر لأيام وأسابيع، مما فاقم أزمة قطاع الشحن البحري، وأدى لاختناقاتٍ في الممرات البحرية كبوابات كاليفورنيا وميناء يانتيان الصيني.

• الارتفاع الكبير بأسعار الشحن الجوي وإمكانياته الضعيفة  مقارنةً بإمكانيات الشحن البحري، وإلغاء الكثير من رحلات الشحن الجوي بعد جائحة كورونا.
• إيقاف الرحلات المنتظمة للعديد من سفن الشحن، بسبب عدم توفر عددٍ كافٍ من الحاويات لتلبية طلبات شركات الشحن.
  
  وبناءً عليه فقد قامت بعض الشركات التي لم توقف رحلاتها برفع أسعار الشحن لعدم توفر العدد الكافي من الحاويات، وفي كثيرٍ من الأحيان لم تتمكن شركات النقل البحري من حجز حاوياتٍ لبضائعها بسبب النقص الكبير في عدد الحاويات، ولتعويض هذا النقص في المعدات تم فرض رسومٍ إضافيةٍ على عمليات الشحن.

أسعار الشحن البحري

كل الأسباب سالفة الذكر انعكست بشكلٍ إيجابي على ارتفاع أجور الشحن البحري، فقد حققت إحدى شركات الشحن أرباحًا وصلت لحوالي 40 ضعفًا أكثر من العام السابق، فقد ارتفع أجر نقل الحاوية الواحدة بحجم 40 قدم ثلاث مرات عن العام الفائت. 

أي أن الحاوية التي تُنقل من الصين إلى الولايات المتحدة كانت تكلفتها 1600 دولار، ارتفعت هذا العام إلى 7000 دولار، أما بالنسبة لأجور الحاوية الواحدة إلى أوروبا فقد يصل السعر إلى 10 آلاف دولار. 

قد يكلف الشحن البحري للكيلو غرام الواحد من 2 -4 دولار، لكن هناك مفارقةٌ أخرى لأجور الشحن هي المسافة الذي ستقطعها الشحنة، فمثلًا: إذا كانت المسافة تمتد من 30 -40 يومًا أو أكثر ترتفع أجور الشحن للكيلو غرام الواحد ليصبح من 5-8 دولارات. 

كما أن الرسوم الإضافية لسلطة الميناء والتخليص الجمركي والتأمين، والرسوم الأخرى كرسوم الوقود الإضافية ورسوم نقل المواد الأخرى وعمليات التخزين، ورسوم بعض الممرات المائية كقناة بنما التي يُدفع لها رسومٌ إضافيةٌ تسمى رسوم التوجيه، كل ذلك يساهم في رفع أجور الشحن البحري. 

أيضًا نوع الشحن البحري يؤثر على تكلفة الشحن حيث يوجد نوعان هما:

شحن FCL: وهو الشحنات الكبيرة التي يخصص لها حاويةً كاملةً، تكلفتها أكثر إلا أنها أكثر سلامةً وأمان للبضائع.

شحن LCL: وهو للشحنات الصغيرة حيث تشترك البضاعة مع شحناتٍ أخرى في الحاوية.

وبشكل عام تحدد أسعار الشحن البحري بحسب حجم البضائع وليس الوزن باستثناء البضائع الثقيلة.

تأثير ارتفاع الشحن البحري على التجارة العالمية

إن ارتفاع أسعار الشحن البحري قد انعكس على ارتفاع أسعار البضائع، والذي سينعكس سلبًا على المستهلك في أغلب دول العالم لأن أجور الشحن ستُحمَّل للمستهلك في النهاية.

ختامًا على الرغم من ارتفاع أسعار الشحن البحري سيظل على المدى الطويل من أهم عوامل ازدهار التجارة العالمية، ومن المتوقع أن يتطور هذا القطاع بشكلٍ أكبر، وستُحقق شركات الشحن البحري أرباحًا أكبر مع نمو وتطور الاقتصاد العالمي.