الطائرات المسيرة،هل دخلت إلى عالم التجارة التركية، وكيف يتم تسخيرها لأداء مهام الشحن والنقل

لا تكفُّ التكنولوجيا الحديثة عن إبهارنا يومًا بعد يوم بالاختراعات التي تجعل حياتنا اليومية أسهل بشكلٍ كبيرٍ، ويمكن القول أنّ هذه التطورات التكنولوجية الدائمة تُشكّل الوجه الجديد للعديد من القطاعات، مثل: التجارة الإلكترونية والنقل وغيرها الكثير.

ربما تُعدّ الطائرات المُسيرة- Drones أحد أكثر الأدوات التكنولوجية طلبًا بين مُختلف المجالات، حيث يتم الاعتماد عليها بشكلٍ كبيرٍ في القطاعات العسكرية ومجالات التصوير ونقل السلع والمعدات الطبية إلى المناطق الخطيرة.  

لكن ماذا عن مجال الشحن؟ هل تدخل الطائرات المُسيرة – Drones عالم التجارة بقوّةٍ من خلال الإمكانيات الكبيرة التي تقدمها في تسهيل وتطوير عملية النقل على اعتبارها مُستقبل صناعة الشحن؟ وهل دخلت إلى عالم التجارة التركية؟  

تلك أسئلةٌ يعالجها هذا المقال لتوضيح دور الطائرات المُسيرة – Drones في النقل وإلقاء الضوء على مكانتها في التجارة التركية.

ما هي الطائرات المُسيرة – Drones؟

ببساطة، يشير مُصطلح الطائرات المُسيرة – Drones  إلى طائرةٍ بدون طيار يتم التحكم فيها عن بُعد. وغالبًا ما تُستخدم الطائرات بدون طيار على الأرض لأغراض عسكرية؛ لأنها لا تُعرض حياة الطيار للخطر في مناطق القتال. بالإضافة إلى ذلك، لا تحتاج الطائرات بدون طيار إلى الراحة، مما يمكنها من الطيران طالما يوجد وقودٌ في المركبة ولا توجد صعوباتٌ ميكانيكية.

بدأ استخدام الطائرات المُسيرة من أجل أغراضٍ عسكريةٍ، إلا أنها أصبحت أكثر تطورًا وأوسع استخدامًا وانتشارًا مع مرور الوقت، حيث أصبحت تُستخدم لأغراض البحث العلمي مثل رصد معلوماتٍ عن الكوارث الطبيعية كالأعاصير عن قرب، بالإضافة إلى أنها أثبتت كفاءةً عاليةً في نقل الطرود.

هل تكون الطائرات المُسيرة – Drones هي مُستقبل الشحن؟

شهدت السنوات القليلة الماضية تحول الطائرات المُسيرة من فكرةٍ ناشئةٍ إلى تقنيةٍ مُجربةٍ وحقيقيةٍ،يمكنها الآن نقل منتجات التسوق عبر الإنترنت والأدوية الأساسية إلى منازل الناس.

يتم تقديم الطائرات المُسيرة على أنها الحلّ للعديد من المشاكل اللوجستية التي تواجه شركات الشحن، مثل: الوقت الذي تستغرقه الشُحنات للوصول من مكانٍ لمكانٍ على سبيل الذكر لا الحصر، حيث يمكن للطائرات المُسيرة الطيران لمسافاتٍ طويلةٍ لتوصيل المنتجات أو الإمدادات، أو حتى العينات الطبية، ونقل البضائع الخفيفة منها وحتى الثقيلة.

حقق سوق النقل والخدمات اللوجستية العالمية للطائرات بدون طيار أكثر من 24 مليون دولار من العائدات في عام 2018، وهو رقمٌ من المتوقع أن ينمو إلى 1.6 مليار دولار في عام 2027.  

شارك ميليند داواندي، الباحث في جامعة تكساس في دالاس، في تأليف دراسةٍ حديثةٍ استكشفت كيف يمكن للنقل والتسليم عبر الطائرات المُسيرة أن يُغير شبكات الخدمات اللوجستية للبيع بالتجزئة. على سبيل المثال، إذا قامت شركات الشحن باعتماد نظام توصيل الشُحنات عبر الطائرات المُسيرة، فمن المرجح أن يزداد عدد مستودعات الميل الأخير في المستقبل من أجل ضمان وقت تسليمٍ أسرع.

صرّح ميليند داواندي بأهمية وفاعلية الطائرات المُسيرة في الطيران فوق المناطق المزدحمة واتباع خطٍّ مُستقيمٍ في الطيران، وأيضًا يمكنها الوصول إلى المناطق الريفية البعيدة حيث قد تواجه السيارات والشاحنات صعوبةً في الوصول.

كيف تُغيّر الطائرات المُسيرة – Drones صناعة الشحن وما هي ميزاتها؟

هناك العديد من التغييرات المفصلية التي يُحدثها الاعتماد على الطائرات المُسيرة – Drones  في عملية الشحن نذكر منها:

• استخدام الطائرات المُسيرة لنقل العينات الطبية

يمكن أن تكون الطائرات المُسيرة مفيدةً جدًّا عند التعامل مع عيناتٍ ذات طبيعةٍ حساسةٍ، بالإضافة إلى حساسيتها للوقت، وعليه يمكن أن تلعب الطائرات المُسيرة دورًا إنسانيًّا كبيرًا، ومن الأمثلة الرائعة على ذلك شركة Matternet ، التي اشتركت مع اليونيسف في استخدام الطائرات المُسيرة في ملاوي، بهدف تطوير توصيل عينات دمٍ من الأطفال بتكلفةٍ منخفضةٍ، ليتم اختبارها بحيث يمكن إعطاء الأدوية الطبية لهم عند الحاجة وفي وقتٍ قصيرٍ.

• توفير الوقت

مقارنةً بالنقل البري، تتمتع الطائرات المُسيرة بأفضليةٍ كبيرةٍ من حيث الإنجاز بأسرع وقتٍ، والابتعاد عن الازدحام المروري، ومن الأفضل أداء المهام الحرجة من خلال طائرةٍ بدون طيار موثوقةٍ وفعالةٍ من حيث التكلفة، أكثر بكثيرٍ من تشغيل طائرة هليكوبتر مأهولة.

• الوصول إلى الأماكن النائية

تتمتع الطائرات المُسيرة بقدرةٍ على الوصول إلى الأماكن التي يصعب الوصول إليها بسرعة، ويلعب هذا الأمر دورَا حاسمًا لتوصيل الأدوية أو الطرود في مواقع دقيقةٍ للغاية ومن الصعب الوصول إليها، وبذلك سيُغير الاعتماد على الطائرات المُسيرة في عملية الشحن هذه الصعوبات اللوجستية.

• دفعةٌ نحو الاستدامة في التخزين والنقل

تتطلع شركات الشحن بشكلٍ متزايدٍ نحو طرقٍ لتعزيز الاستدامة، حيث تدرك شركات الشحن أنّ ذلك يوفر المال ويُسعد العملاء في نفس الوقت، على سبيل المثال: تستخدم الطائرات المُسيرة طاقةً أقل من الشاحنات في بعض الحالات. بالإضافة إلى ذلك، سيسمح الاعتماد على الطائرات المُسيرة في توفير الكثير من المال لعدم الحاجة للكثير من مواقع التخزين.

أهم الشركات التي تعتمد على الشحن بواسطة الطائرات المُسيرة – Drones

على الرغم من أن مرافق التوصيل عبر الطائرات المُسيرة لا تزال محدودةً من حيث العدد والشكل، إلا أن بعض الشركات تُقدم خدماتها بهذه الطريقة. فيما يلي قائمةٌ بأهم شركات الشحن التي تستخدم الطائرات المُسيرة في تسليم الطرود:

1. أمازون برايم إير- Amazon Prime Air

حصلت أمازون على موافقة إدارة الطيران الفيدرالية لتشغيل طائرة أمازون Prime Air بدون طيار في عام 2020، وكما تعتقد أمازون، فإنها ستمكنهم من توصيل الطرود بأمانٍ وفعاليةٍ إلى عملائهم. ستمكن خدمة التوصيل عبر الطائرات المُسيرة من أمازون برايم من تسليم طرودٍ يصل وزنها إلى 2 وحتى 13 كيلوغرامًا باستخدام طائراتٍ صغيرةٍ.

2. فلاي تريكس- Flytrex

عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى مرافق الشحن بواسطة الطائرات المُسيرة، تقدم Flytrex خدمات توصيلٍ شاملة. تستخدم الشركة طائراتها المُسيرة لأسواق التجارة الإلكترونية وتجار التجزئة وشركات التوصيل والمطاعم، وتستطيع طائرات Flytrex  توصيل طرودٍ بقيمة 2.9 كيلوغرام لمسافةٍ تبلغ 9.9 كيلومتر.

3.    يو بي اس فلايت فوروورد – UPS Flight Forward

تُعدّ UPS Flight Forward لاعبًا رئيسيًّا في مجال التوصيل باستخدام الطائرات المُسيرة، فهي أول شركةٍ على الإطلاق تحصل على الشهادة الكاملة من حكومة الولايات المتحدة لتشغيل خدماتها من خلال أنظمة الطائرات المُسيرة.

في عام 2019، تعاونت هذه الشركة مع Matternet، وهي منصةٌ مستقلةٌ للخدمات اللوجستية باستخدام الطائرات المُسيرة، لتوصيل الإمدادات الطبية إلى مستشفى WakeMed في ولاية كارولينا الشمالية وتقوم طائرتها بتوصيل الحزم إلى العديد من المناطق.

4.    دي إتش إل بارسل كوبتر- DHL Parcelcopter

يبرز اسم هذه الشركة بين الشركات المتنافسة في هذا المجال حيث يمكن أن تحمل طائرات دي إتش إل بارسل كوبتر- DHL Parcelcopter ما يصل إلى 1.9 كيلوغرامًا من الحمولة، ويمكن أن تسافر بسرعة 69 كيلومترًا في الساعة.

5.    فيد إكس- FedEx

ظهرت شركة FedEx كأحد المُشاركين في هذا المجال، حيث سجلت خدمات التوصيل باستخدام الطائرات المُسيرة الخاصة بها مع العديد من المستثمرين المرتبطين بتكنولوجيا الطائرات المُسيرة، وكشفت FedEx أيضًا في عام 2018 أن أعمالها ستبدأ قريبًا في نشر الطائرات المُسيرة في مطار ممفيس الدولي.

6.    زيب لاين- Zipline

بدأت Zipline خدماتها في عام 2014 وتعمل هذه الشركة على تقديم منتجاتٍ تساعد في إنقاذ الأرواح من خلال مركباتها الجوية غير المأهولة. حتى الآن، نجحت ZipLine في تسليم 100000 حزمةٍ تجاريةٍ بنجاح، وتعمل Zipline  لتوفر للجميع وصولاً سريعًا ومريحًا إلى الإمدادات الحيوية من الأدوية باستخدام طائراتها.

دور الطائرات المُسيرة- Drones في التجارة التركية

تُعدّ تركيا أحد البلدان التي تبذل جهودًا كبيرةً من أجل وضع الطائرات المُسيرة لنقل البضائع في حيّز التنفيذ، حيث أكملت الدولة البحث الأولي لطائرات الشحن المُسيرة وتقوم بتطوير أنظمةٍ مع خططٍ لفتح “طريق نقلٍ بطائراتٍ مُسيرةٍ” بين إسطنبول وإسكي شهير وأنقرة، وفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن قناة TRT الإخبارية المملوكة للدولة.

صرحت تركيا أن نقل البضائع باستخدام الطائرات المُسيرة سيكون مرتبطًا بقواعدٍ صارمةٍ، مع الأخذ بالاعتبار أن الأولوية ستكون سلامة الطائرات والأشخاص والطيور. ستكون الطائرات المُسيرة المُستخدمة قادرةً على نقل حمولةٍ تصل إلى 4 كيلوغرامات عبر طريقِ جويٍّ سريعٍ محددٍ على ارتفاعٍ معين، وستكون الخطوة التالية هي تحديد التفاصيل مثل المسار الذي سيتم اتخاذه، والارتفاع الذي ستطير فيه الطائرات، ومواقع الهبوط والإقلاع.

يجب التنويه إلى أنه لم يتم تحديد أي إطارٍ زمني بعد، ومن غير الواضح كيف ستُحقق تركيا هذا الهدف. لكن مع توفر الظروف والتكنولوجيا المناسبة، قد يكون الأمر مجرد مسألة وقتٍ فقط.

يمكن القول أنّ استخدام الطائرات المُسيرة في قطاع الشحن أصبح أمرًا حتميًّا، إلا أنه يحتاج إلى المزيد من الوقت من أجل تحقيق هذا الهدف بأفضل صورةٍ ممكنةٍ.