ما هي منصة الشحن الرقمية؟ وكيف يمكنك تأسيس منصتك الخاصة؟

التعقيد هو أقلّ ما يُمكن أن تُوصَف به عملية نقل الحزمة من المُصَنِّع إلى المُوَزِّع ومن ثُمّ إلى العميل، حيث تشمل هذه العملية العديد من الشركات والكثير من الأوراق والمُستندات.

تأتي التكنولوجيّا لتقديم الحلول للعديد من المشاكل في عالم الشحن، مثل: تسهيل عملية نقل الطرود بين الأطراف المعنيّة، وإيجاد الصيغ المناسبة للتقليل من نسبة الشاحنات الناقلة غير الممتلئة.

تعمل منصّات الشحن الرقميّة المُدمجة ضمن سلاسل التوريد على تسهيل عملية الشحن ورفع كفاءتها، عبر توفير حلولٍ لوجستيّةٍ رقميّةٍ تضمن الربط السليم بين جميع الأطراف.

يمكن من خلال هذا المقال التعرّف على منصّات الشحن الرقمية عن قرب واكتشاف الدور الذي تلعبه في تحسين وتسهيل عملية الشحن.

ما هي منصات الشحن الرقمية؟

يمكن تعريف منصّات الشحن الرقميّة على أنها سوق شحنٍ مفتوحٌ ومتصلٌ بالكامل، يعتمد على التعلم الآلي والأتمتة وخدمات البرمجيات الأُخرى في سبيل تقديم خدمات الربط بين الشاحنين والناقلين بكفاءة.

تُقدم تطبيقات منصات الشحن الرقمي إمكانية استيفاء السعة بين الشاحنين والناقلين، وتخلق نوعًا من الموازنة بين جميع الأطراف، حيث يحظى السائقون بخياراتٍ أفضل، وعددٍ أقلّ من الأميال الفارغة والوقت المُهدور، بالإضافة إلى إيجاد أفضل الخدمات وأنسب الأسعار بالنسبة للشاحنين.

كيف تعمل منصّات الشحن الرقميّة؟

تقوم منصات الشحن الرقمية على مبدأ توصيل الشاحن بالناقل عبر تجميع البيانات اللازمة، حيث يمكن للطرف الذي يرغب بشحن طردٍ ما أن يُسجل في أحد منصّات الشحن الرقمي وإدخال جميع بيانات الشُحنة، لتقوم المنصّة بإيجاد عروض النقل المناسبة تمامًا له، وتقوم شركات النقل التي تحتاج إلى تلبية سعتها المفقودة وتجنب المساحات الفارغة أثناء عمليات النقل بالتسجيل في منصّات الشحن الرّقمية؛ لتقوم المنصّة بإرسال معلومات الشُحنات إلى ما يناسبها من الشاحنين.

يمكن القول أنّ منصات الشحن الرقمية تقوم بعملية استيفاء السّعة بشكلٍ سريعٍ وفعّالٍ بالنسبة للشاحن والناقل على حدٍّ سواء، حيث تجد شركات النقل الأحمال المحددة التي تحتاج إليها لملء الشاحنات والأساطيل؛ وعلى الجانب الآخر، يجد الشاحنون السّعة المُتاحة التي تُناسب شُحناتهم الخاصة على أفضل وجه.

كيف تختلف منصات الشحن الرقمية عن الشريك اللوجستي الثالث – 3PLs التقليدي؟

يمكن القول أن ما تقوم به منصات الشحن الرقمية هو أمرٌ مُشابهٌ بشكلٍ كبيرٍ لعمل الشريك اللوجستي التقليدي، حيث تعتمد على المطابقة بين العرض والطلب وتحقيق أكبر فعاليةٍ ممكنةٍ في عملية الشحن، كما هو الحال لدى الشريك اللوجستي التقليدي.

إلا أنّ منصات الشحن الرقمية تقوم بتجميع المعلومات بطريقةٍ آليةٍ وإيجاد الحلول بناءً على البيانات المتوفرة. بينما يعتمد الشريك اللوجستي التقليدي على العنصر البشري من أجل القيام بالمهام المطلوبة.

الميزات التي تُقدّمها منصّات الشحن الرقميّة

تُقدّم منصّات الشحن الرقمية الحلول اللوجستية المُلائمة للعديد من المشاكل التي تواجه قطاع الشحن، وبالأخص شركات النقل، بالإضافة إلى تسهيل عملية الشحن بالنسبة للشاحنين أنفسهم. 

في البداية لا بدّ من توضيح إحدى المشاكل الكبيرة التي تُعاني منها شركات النقل، حيث تنطلق مُعظم الشاحنات من المستودعات ومراكز الاستيفاء بأنصاف الحمولات في الكثير من الأحيان.

وبالطبع يؤثر هذا الأمر سلبًا بشكلٍ كبيرٍ على البيئة بالمرتبة الأولى بسبب انبعاث الكربون من الشاحنات، وعلى شركات النقل بسبب تكاليف الرحلات الكثيرة التي تقطعها الشاحنات بحمولاتٍ غير كاملةٍ، بالإضافة إلى ما يتخلل هذه الرحلات من تحميلٍ وتفريغٍ وغيرها الكثير.

ويمكن تلخيص أهمّ الميزّات التي تقدمها منصّات الشحن الرقميّة بما يلي:

• تخفيض تكاليف الشحن من خلال الأتمتة

تتباين رسوم السمسرة التي يحصل عليها الوسيط التقليدي، حيث يتراوح متوسط الرسوم بين 15% و 20% مع اختلافٍ بين الشُحنة والأخرى، ويعتمد نجاح الوساطة على الحصول على أعلى هامش ربحٍ ممكنٍ على كل حمولةٍ محجوزةٍ، ويحتاج السماسرة إلى فرض هذه الرسوم لأن عمل الوسيط التقليدي هو عملٌ يدويّ كثيفٌ.

تعمل منصات الشحن الرقمية على أتمتة عملية مُطابقة الشُحنات مع الشاحنات، وبذلك تقلّ التكلفة والوقت الذي يستغرقه العثور على الشاحنة الأكثر كفاءةً لكل حمولة.

حيث أنّ ما تقوم به منصّات الشحن الرقمية هو تحويل عملية المُطابقة من عمليةٍ تحتاج إلى العامل البشريّ للقيام بها إلى عمليةٍ آليةٍ مؤتمتةٍ.

• رفع كفاءة عملية الشحن

لا تتمكن معظم شركات النقل من رؤية سوى جزءٍ بسيطٍ من جميع الشُحنات المُتاحة في أي وقت، إلّا أنّ منصات الشحن الرقمية تتيح لشركات النقل إمكانية العثور بشكلٍ مباشرٍ وفوريّ تقريبًا على السائقين الذين لديهم القدرة على نقل حمولة الشاحنة الكاملة وحمولة الشاحنة الجزئية، وعلى الأنواع المناسبة من الشاحنات في التواريخ والطرق التي يحتاجون إليها.

وبالتالي تقوم منصات الشحن الرقمية بتمكين الوصول إلى جميع الناقلات المُتاحة بالشكل والظروف المطلوبة بالضبط بما يتناسب مع الشُحنات، وبذلك يتمّ استخدام جميع إمكانيات الشاحنات بالطرق الأكثر فعالية، حيث أنّ القُدرة على مطابقة أي شاحنةٍ بأي شُحنةٍ تخلق شبكةً أكثر كفاءةً بطبيعة الحال.

• التخطيط بحسب الجداول الزمنية بفاعليةٍ أكبر 

تتمتع منصات الشحن الرقمية بمرونةٍ كافيةٍ لمجابهة الظروف المتغيرة والأحداث غير المتوقعة لزيادة الكفاءة ومنع الهدر، حيث يُمكن لمنصّات الشحن الرقميّة -بفضل تجميع البيانات اللازمة- جدولة أعمال التخطيط والتحميل بشكلٍ ديناميكيّ يتماشى مع تغيرات الطقس، وحركة المرور والأعطال، وساعات الخدمة المُتغيرة، وأوقات التحميل غير المتوقعة.

 وبالتالي يتمّ تفادي التأخير الذي قد يحصل في إحدى المنشآت، والذي يمكن أن يؤدي إلى تفويت شركة النقل حمولتها التالية.

• زيادة أرباح الناقل وتخفيض التلوّث 

بالشكل التقليديّ اليدويّ، يتم مطابقة الحمولة مع الشاحنة كلّ واحدةٍ على حدى، تُجبر هذه العملية شركات النقل على البحث عن الوسطاء أو لوحات التحميل لملء جدولهم الزمني.

نتيجةً لذلك، تقضي الشاحنات ساعاتٍ طويلةً في انتظار المواعيد سيئة التوافق، وكثيرًا ما تُضطر هذه الشاحنات على السير بحمولةٍ فارغةٍ. تؤدي هذه التأخيرات والنفايات إلى الكثير من التلوّث بسبب الرحلات العديدة التي تقطعها الشاحنات من مكانٍ لآخر دون جدوى، بالإضافة إلى زيادة التكلفة بالنسبة للناقلين وبالتالي إلى زيادة أجور الشحن.

تقوم منصّة الشحن الرقمية تلقائيًا بتقييم المليارات من مجموعات الأحمال لتحديد الطريقة المثلى لدمج الشحنات. يسمح هذا الأمر ببذل جهدٍ أقلّ، ويؤدي إلى طرقٍ أكثر كفاءةً يمكن أن تُشكّل فارقًا في موضوع انبعاث الكربون، بالإضافة إلى زيادة أرباح الناقل وتخفيض التكلفة بالنسبة للشاحنين.

تلخيصًا لما سبق، تعتبر منصات الشحن الرقمية عاملًا هامًا في دفع عملية الشحن إلى الأمام، وتطوير الأساليب التي يتم التعامل فيها مع الشُحنات لتحقيق أفضل النتائج بالكفاءة المطلوبة.