لمحة عن تاريخ الشحن الجوي
اليوم وبعد مرور سنواتٍ طويلةٍ على اختراع الطائرة الشراعية ومن بعدها الطائرة التي تعمل بقوة المحرك، بإمكاننا القول أنّ الطيران قد قطع شوطًا كبيرًا في التاريخ وأصبحت الطائرات وسائل لخدمة البشرية لا يمكن الاستغناء عنها في العديد المجالات.
يُعدُّ الطيران أحد أكثر طرق السفر أمانًا وسرعةً وأكثرها استخدامًا كذلك الأمر بالنسبة لعملية شحن البضائع، لكن كيف بدأ الأمر؟ متى بدأت شركات الشحن تعتمد على الطائرات لإيصال طرودها؟ وما هي المراحل التي مرّ بها الشحن الجوّي؟
نحاول في هذا المقال أن نأخذك عزيزي القارئ في رحلةٍ للإجابة عن هذه الأسئلة والتعرّف على أهمّ المحطات في تاريخ الشحن الجوي.
بدأ الطيران وتبعه الشحن الجوي بعد ذلك بوقت قصير!
لطالما حلم الإنسان بالطيران منذ آلاف السنين وقبل 118 عامٍ من اليوم، كانت مجرد فكرة وجود طائرةٍ أمرًا مذهلًا وصعب التصديق إلى أن تمكن الأخوان أورفيل وويلبر رايت من التحليق بطائرتهما لأول مرة في 17 ديسمبر 1903.
مهتمّ بخدماتنا؟
أدخل بياناتك بالفورم أدناه وسنتواصل معك عبر واتساب.
منذ ذلك الحين أحدث السفر الجوي ثورةً في مختلف المجالات، الآن تتيح الطائرات السفر السريع للملايين يوميًا حول العالم، ويتم شحن ملايين الطرود عن طريق الشحن الجوي كل يوم، بالإضافة إلى ذلك، أدت التطورات في الطائرات إلى تطور الصواريخ وبدء استكشاف الإنسان للفضاء.
انتشر الطيران في غضون بضع سنواتٍ بعد رحلة الأخوين رايت إلى كيتي هوك بولاية نورث كارولينا، وبالطبع كان أولئك الذين يروجون للطيران يبحثون عن استخداماتٍ عمليةٍ للطائرة.
في نفس الوقت الذي تم فيه إنتاج الشاحنات التجارية لأول مرّةٍ، عندها عملت شركات الطيران على نقل البضائع عن طريق الجو.
كما تمّ إجراء أول عرضٍ عملي للشحن الجوي في 7 نوفمبر 1910، حيث قام فيليب بارميلي بقيادة طائرةٍ من طراز Wright B من دايتون إلى كولومبوس بولاية أوهايو- تقدر هذه المسافة بحوالي 104 كيلومتر- لتسليم حزمةٍ تحتوي على 90 كيلوغرامًا من الحرير للافتتاح الكبير لمتجر بيعٍ بالتجزئة، لم تكن هذه الشحنة الأولى مجرد تسليم، بل كانت أيضًا سباقًا بين طائرةٍ وقطارٍ سريعٍ.
أرقامٌ قياسيّةٌ!
استمرت الرحلة 57 دقيقةً فقط، وقد اعتُبِر رقمًا قياسيًّا عالميًّا في ذلك الوقت، والأهم من ذلك أنها كانت أول رحلة “شحنٍ فقط” لنقل البضائع من نقطةٍ إلى أخرى، كانت أيضًا أول رحلةٍ بتكليفٍ من العميل، بالإضافة إلى المثال الأول للنقل الجوي متعدد الوسائط، حيث تم نقل الحرير بالسيارة من مطار كولومبوس إلى المتجر، وذكرت صحيفة كولومبوس رسميًا أن الشحنة الجوية تفوقت على خدمة السكك الحديدية السريعة بين المدينتين.
خدماتٌ بريديةٌ!
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من نجاح تجربة نقل البضائع جوًّا في عام 1910، إلا أن الطائرات آنذاك لم تكن قويةً أو كبيرةً بما يكفي لتحمِل الكثير من البضائع، كان البريد الجوي الذي يتكون من البريد والطرود الصغيرة هو الشحنة الأساسية التي تم نقلها خلال السنوات الأولى للطيران، حيث أنّ أول رحلة طيرانٍ رسميةٍ مُسجلةٍ في العالم تحمل “بريدًا جويًا” حدثت في 18 فبراير 1911، بين مقاطعتي أغرا والعود في الهند التي كانت خاضعةً لحكم بريطانيا في ذلك الوقت، كما نظّم السير والتر ويندهام معرضًا للطيران لتشغيل خدمة البريد الجويّ لجمع الأموال للأعمال الخيرية.
أما في بريطانيا فقد تم بدء خدمة نقل البريد الجوي بين ضاحية هيندون بلندن ومكتب مدير البريد العام في وندسور، بيركشاير، في 9 سبتمبر 1911، وقد تم تقديم هذا الاقتراح أيضًا من قِبل السير والتر ويندهام، الذي استند في توصيته على التجربة الناجحة التي رتبها في وقتٍ سابقٍ في الهند.
كانت الخدمة البريدية جزءًا من الاحتفال بتتويج الملك جورج الخامس واستغرقت حوالي الشهر حيث تم نقل ما مجموعه 35 حقيبة بريدٍ على متن 16 رحلةً جويةً.
بين الحربين العالميتين
لعبت الحربان العالميتان الأولى والثانية دورًا كبيرًا في تقدم صناعة الطائرات، حيث كانت الطائرات تُستخدم في تسليم القوات والإمدادات والقنابل، فقد تنافس المتحاربون بشكلٍ كبيرٍ على امتلاك أفضل الأساطيل الجوية لترجيح كفة الفوز لصالحهم.
نمت تكنولوجيا الطائرات بشكلٍ كبيرٍ في أقل من عقد، وقد تم تصميم محركاتٍ أكثر قوة، مما أدى إلى صنع طائراتٍ أكبر يمكنها الطيران لمسافاتٍ أطول، وفي تلك الفترة بدأت الشركات الكبرى بطرح خدمات الشحن الجوي إلا أن حمولتهم كانت غالبًا أجزاءً ميكانيكيةً أو بضائع مطلوبة بشكلٍ مستعجلٍ وبعدها تم استخدام جميع التطورات المستخدمة للحرب في وقتٍ لاحقٍ لأغراض تجاريةٍ.
نقطة تحول
حدثت قفزةٌ كبيرةٌ إلى الأمام في تصميم الطائرات في عام 1968، كانت طائرة بوينج 747 أول طائرةٍ بمحركٍ رباعي وهيكلٍ عريضٍ تمكنت من نقل منصات تحميلٍ كاملةٍ في مخزن الشحن الخاص بها، مما أحدث ثورةً في صناعة الشحن الجوي.
حدث التغيير الثوري التالي بعد حوالي خمس سنوات عندما أسس فريد سميث شركة فيدرال إكسبريس في أبريل 1973، وتمكن من إقناع عددٍ من المستثمرين بأن الجمع بين خدمة الركاب وخدمة الشحن كان أمرًا غير فعال، وذلك لأن أنماط الطُرق للركاب والبضائع كانت مختلفةً وأدى الجمع بين الاثنين إلى إبطاء حركة الشحن.
كانت شركة Federal Express في ذلك الوقت أكبر شركة طيرانٍ في العالم تقوم بتقديم خدماتٍ كاملةٍ وشحن البضائع بالكامل، واستحوذت على العديد من الشركات لتصبح جزءًا منها. تم تغيير اسم الشركة رسميًا إلى FedEx في عام 1994.
التوصيل السريع للطرود والإنترنت والتجارة الإلكترونية
ازداد عدد شركات الشحن وتوصيل الطرود مثل UPS و DHL وازدادت المنافسة بين الشركات بتقديم أفضل العروض وتطوير الخدمات، ونَمَت كمية الشحن الجوي خلال التسعينيات، كما أدى الابتكار التكنولوجي إلى حصول نقلةٍ نوعيةٍ في عملية الشحن.
يمكننا القول أنه بفضل الإنترنت، أصبح من السهل الحصول على بيانات الرحلة في الوقت الفعلي وتتبع الشحنة خطوة بخطوة، ويجدر بنا ذكر أن ما عزز نمو الشحن الجوي وزيادة خدماته هو نمو التجارة العالمية وانفجار التجارة الإلكترونية في العقد الماضي، الذي أدى إلى جعل حركة الشحن الجوي أكثر أهميةً للاقتصاد العالمي، فقد أصبحنا اليوم نعتمد بشكلٍ كبيرٍ على خدمات التوصيل كافةً ومن ضمنها خدمة الشحن الجوي؛ لما تقدمه من ميزاتٍ كالسرعة والأمان وإمكانية الحصول على ما تريده من أقاصي الأرض وصولًا إلى عتبة منزلك.
مهتمّ بخدماتنا؟
أدخل بياناتك بالفورم أدناه وسنتواصل معك عبر واتساب.
