أسباب ارتفاع الطلب على الشحن الجوي بنسبة كبيرة على حساب الشحن البحري
من المعروف أنّ أهمّ وسيلتيّ شحنٍ في العالم هما الشحن البحري والشحن الجوي، ولطالما كان الاعتماد على الشحن البحري في نقل البضائع حول العالم أكبر بكثيرٍ من الاعتماد على الشحن الجوي.
إلّا أنّ الطلب على الشحن الجويّ بدأ يزداد في الآونة الأخيرة على حساب الشحن البحري، حيث بات الشحن الجوي الوسيلة الأكثر طلبًا من قِبل الشاحنين على الرغم من تكاليفه الباهظة مقارنةً بالشحن البحري بالإضافة إلى قيود الوزن وغيرها.
يطرح هذا المقال أسباب ارتفاع الطلب على الشحن الجوي على حساب الشحن البحري، بالإضافة إلى تقديم الاختلافات بين الشحن البحري والشحن الجوي.
الفروقات بين الشحن الجوي والشحن البحري
مهتمّ بخدماتنا؟
أدخل بياناتك بالفورم أدناه وسنتواصل معك عبر واتساب.
بدايةً، لا بدّ من الوقوف على بعض الاختلافات الجوهرية بين الشحن الجوي والبحري قبل الحديث عن أسباب ارتفاع الطلب على خدمة الشحن الجوي.
الشحن البحري
يُعدّ الشحن البحري هو وسيلة الشحن الأكثر استخدامًا في العالم، حيث يتم نقل حوالي 80% من البضائع المتداولة في العالم عبر الشحن البحري.
على عكس الشحن الجوي، لا يمثل الوزن عاملاً حاسمًا في الشحن البحري؛ ويُمكن نقل الشُحنات الضخمة مثل الآلات دون الحاجة إلى التفكير في المساحة التي تشغلها هذه العناصر، بالإضافة إلى إمكانية نقل حاوياتٍ كبيرةٍ وثقيلةٍ.
يُعتبر الشحن البحري أقلّ تكلفةً من الشحن الجوي، إلا أنه يجب أخذ الشروط والظروف وخصوصية الشُحنة بعين الاعتبار، فبالنسبة للشحن البحري، عند شحن ما يقلّ عن حاوية، يتمّ حساب التكلفة بالمتر المكعب وبالتالي إذا كانت الشحنة صغيرة قد تكون تكلفة النقل الجوي أقل.
يمكن القول أن أحد نقاط الاختلاف أيضًا هو نقل المواد الخطرة، حيث يخضع شحن المواد الخطرة عبر الجو إلى الكثير من القيود، وعلى الرغم من وجود بعض القيود أيضًا في الشحن البحري، إلّا أنّ شحن المواد الخطرة غالبًا ما يتمّ عبر البحر.
الشحن الجوي
يُساهم الشحن الجوي بنقل ما يزيد عن 35% من قيمة البضائع في التجارة العالمية، ويأتي مباشرةً بعد الشحن البحري كأكثر طرق الشحن استخدامًا.
تُعتبر أهم ميزةٍ في الشحن الجوي هي السرعة بالتوصيل؛ وهو الأمر الذي يُعدّ حيويًّا في نقل الشُحنات الحساسة للوقت والتي قد تتعرض للتلف أو انتهاء مُدّة الصلاحية في حال تأخّرت عملية شحنها، كالأدوية على سبيل الذكر لا الحصر.
على خلاف الشحن البحري، يُعتبر حجم ووزن الشحنة أحد القيود التي تجعل خيار الشحن البحري أفضل من الشحن الجوي.
ولا يمكن إنكار أنّ تكلفة الشحن الجوي أعلى من تكلفة الشحن البحري، إلّا أنّ هامش التكلفة بين الشحن البحري والشحن الجوي يصبح أقلّ مع انخفاض وزن الشُحنة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أخذ التكاليف الإضافية بعين الاعتبار، حيث يمكن لرسوم المستودعات في أرصفة الموانئ أن تُكلِّف أكثر من تخزين المُنتجات في المطارات.
يُعتبر الشحن الجوّي أكثر أمانًا من الشحن البحري من حيث الحوادث وكفاءة عملية الشحن.
عقباتٌ مُشتركة
يشترك الشحن الجوي والشحن البحري بنفس الظروف التي قد تؤدي إلى التأخير مثل سوء الأحوال الجوية، والاختناقات في المرافئ والمطارات، والإضرابات العمالية، وصعوبات التوثيق في التخليص الجمركي.
تسير الرحلات عادةً وفقًا للجداول الزمنية المحددة، وفي حالة التأخير يمكن إعادة توجيه الشُحنات أو إعادة جدولتها إلى رحلةٍ لاحقةٍ غالبًا في نفس اليوم، إلّا أنّ الفارق يكمن بأنّ هذا التأخير قد يُحسب بالأيام في حالة الشحن البحري على عكس الشحن الجوي.
بالطبع، تخضع كلتا وسيلتي الشحن لرسوم الجمارك ورسوم الترخيص عند الوصول إلى بلد الوجهة، بغضّ النظر عن كيفية الشحن.
ما هي أسباب زيادة الطلب على الشحن الجوي؟
يزداد الطلب على خدمة الشحن الجوي بشكلٍ ملحوظٍ في الآونة الأخيرة، ويمُكن أن يُعزى هذا الارتفاع إلى الأسباب التالية:
تأتي مواسم الأعياد المزدحمة التي تبدأ في سبتمبر وتمتد إلى أكتوبر وديسمبر وتحمل معها ارتفاعًا كبيرًا في نسبة المُشتريات، وبالتالي شحن هذه المُشتريات من المُستودعات والمتاجر إلى الوجهة المطلوبة.
يؤدي موسم الذروة إلى ازدحاماتٍ شديدةٍ وتهافتٍ على شركات الشحن من أجل الوفاء بالمواعيد النهائية للعطلات، وعلى اعتبار أنّ الشحن الجويّ أسرع من الشحن البحري، يمكن أن يكون لاستخدامه العديد من المزايا التنافسية بين البائعين، حيث يتطلع الشاحنون إلى تسريع الشحن عبر اعتمادهم على خدمة الشحن الجويّ لضمان وصول بضائعهم في الوقت المحدد.
خلافًا لطريقة عمل المستودعات في الموانئ، فإنّ معظم البضائع لا تبقى في المطارات لوقتٍ طويل، حيث تُعتبر الصادرات حساسةً للوقت، والواردات سلعًا عالية القيمة وسريعة الحركة.
تحتوي المستودعات الحديثة على أرصفة تحميلٍ لتسريع دوران الشاحنات وتقليل الحركات الرأسية للبضائع، بالإضافة إلى أنّ مرافق التصدير تتمتع بمساحاتٍ كبيرة للمسح والتفتيش وبناء اللوحات وتجميع البضائع للرحلات المحددة.
يوجد في المرافق المنفصلة للواردات مكاتبٌ ومناطق تفتيشٍ لتسهيل إجراءات التخليص الجمركي، وللسماح بفصل البضائع في حمولات الشاحنات.
تحتوي هذه المستودعات أيضًا على غرفٍ يمكن التحكم في درجة حرارتها للحفاظ على سلسلة التبريد بين الشاحنة والطائرة بالنسبة للبضائع القابلة للتلف، بالإضافة إلى توفير مساحاتٍ خاصّةٍ للبضائع عالية القيمة.
بالنظر إلى كيفية تناسق هذه المرافق وتزامنها، تمر معظم البضائع عبر المطار في غضون ساعاتٍ قليلةٍ، الأمر الذي يُقلّص من وقت مكوث البضائع ويُقلل المساحة المطلوبة للتعامل مع حجمٍ معينٍ.
تُعدّ أزمة الشحن أحد أكبر وأهم الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع الطلب على خدمات الشحن الجوي على الرغم من ارتفاع تكاليفها.
بعد انخفاض الطلب على الشحن خلال الأيام الأولى للوباء في عام 2020، أدّت الزيادة في نهاية ذلك العام إلى تأخيراتٍ واختناقاتٍ مروريةٍ في الموانئ وعرقلةٍ في جميع أنحاء العالم.
بسبب هذه الأزمة، تتكدس حاليًّا الحاويات في الموانئ وذلك لارتفاع الطلب والنقص المستمر في عمال الموانئ وسائقي الشاحنات.
وبحسب صحيفة الغارديان-The Guardian، تجاوز عدد السفن التي تنتظر تفريغ الحاويات في محطات بوابة الساحل الغربي للولايات المتحدة، في موانئ لوس أنجلوس ولونج بيتش الـ 100 سفينة في الأسبوع الثالث من سبتمبر.
تدفع هذه الأزمة مُعظم الشاحنين إلى اختيار خدمات الشحن الجوي بدلًا عن الشحن البحري على الرغم من التكاليف التي لا تزال تستمر بالارتفاع.
إحصائيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)
تظهر أحدث أرقام الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) أن الطلب العالمي على الشحن الجوي ارتفع بنسبة 8.6% في شهر يوليو 2021 مقارنةً بشهر يوليو في العام 2019.
وعلى الرغم من أن هذا الرقم كان أقل من معدل النمو البالغ 9.2% المُسجل في شهر يونيو، إلا أن الأرقام لا تزال أعلى من مستويات ما قبل الوباء وهي في ارتفاعٍ مُستمرٍ.
وأمّا في شهر سبتمبر، فقد شهد الطلب على الشحن الجوي نموًّا بنسبة 9.1% مقارنةً بمستويات ما قبل COVID.
ختامًا، يرتفع الطلب على خدمات الشحن الجوي بسبب الأزمة الخانقة التي تشهدها الموانئ بالإضافة إلى نقص مساحات التخزين، ويبدو أنّ الطلب على الشحن الجوي سيستمرّ بالارتفاع على حساب الشحن البحري في الأشهر القليلة القادمة.
مهتمّ بخدماتنا؟
أدخل بياناتك بالفورم أدناه وسنتواصل معك عبر واتساب.