أشهر الحوادث أثناء الشحن البحري، والتأثير الاقتصادي لهذه الحوادث
كثيرًا ما تسمع عن الحوادث التي تتعرض لها وسائل النقل بأنواعها كافة، والشحن البحري كغيره من وسائل النقل يمكن أن يتعرض للعديد من الحوادث التي يمكن أن تكون بسبب كوارث طبيعية، أو بفعل خطأ بشري، وفي الغالب ينتج عن هذه الحوادث أضرارٌ ماديةٌ وربما تأثيراتٌ اقتصاديةٌ سيئةٌ على البلاد المسؤولة عن هذه الشحنة.
يُخبرك الحادث وحطام السفن المتبقي إن وُجد عن مقدار الخسارة التي حصلت، وقد يساعد على تفادي الأخطاء التي يمكن أن تحدث في المستقبل.
على مدى قرون، كان هناك العديد من السفن التي وقعت فريسةً للحوادث، يُظهر تقديرٌ تقريبي للأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 3 ملايين حطام سفينة موجود في قاع المحيطات حول الكوكب.
أحد أشهر الأمثلة عن الحوادث المروعة للسفن هي:
سفينة آر إم إس تيتانيك – RMS Titanic
مهتمّ بخدماتنا؟
أدخل بياناتك بالفورم أدناه وسنتواصل معك عبر واتساب.
كانت سفينة آر إم إس تيتانيك – RMS Titanic، أشهر السفن التي لم تصل إلى وجهتها مطلقًا، وأكبر سفينةٍ سياحيةٍ آنذاك، بُنيت في أيرلندا في حوض بناء السفن هارلاند وولف، واعتُبرت أكثر السفن تطوراً في تلك الحقبة.
مع ذلك، غرقت السفينة التي اشتُهِرت بأنها “غير قابلةٍ للغرق”، بعد اصطدامها بجبلٍ جليدي في رحلتها الأولى – من ساوثهامبتون إلى مدينة نيويورك – في 14 نيسان/ أبريل من عام 1912، في شمال المحيط الأطلسي، وقد لقي حوالي 517 شخص حتفهم في واحدةٍ من أكبر المآسي البحرية في التاريخ.
بعد العديد من الرحلات الاستكشافية غير الناجحة حددت بعثةٌ فرنسيةٌ أمريكيةٌ مشتركةٌ موقع الحطام أخيرًا في عام 1985، وأُزيل عددٌ لا بأس به من قطع حطام السفينة لتُعرض في المتحف البحري الوطني في إنجلترا.
اقتُرحت العديد من المخططات لرفع السفينة، لكن حالتها الهشة حالت دون ذلك، وحطام سفينة RMS Titanic محمي الآن بموجب اتفاقية اليونسكو لعام 2001.
أما عن سفن الشحن، ففي كل عام تُشحَن أكثر من 100 مليون حاويةٍ من جميع أنحاء العالم على متن سفن حاويات يمكن أن تكون بطول ثلاثة ملاعب كرة قدم أو أكثر.
على الرغم من العدد الكبير للحاويات المشحونة، إلا أن الحوادث نادرةٌ نسبيًا، حيث تشير أفضل التقديرات إلى أن أقل من 1500 حاويةٍ تُفقد من السفن كل عام وسطيًا، لكن الحوادث تحصل، وعندما تحدث يمكن أن تؤدي إلى كارثة.
هذه القائمة ليست شاملة لحوادث شحن الحاويات، بل هي ملخصٌ لبعض الكوارث الأكثر شهرةً التي ضربت قطاع شحن الحاويات منذ عام 2000:
هانجين بنسلفانيا – Hanjin Pennsylvani – المحيط الهندي عام 2002
بعد خروج سفينة هانجين بنسلفانيا من حوض بناء السفن بأقل من عام، وقع انفجارٌ في عنبر شحن في 11 نوفمبر 2002، قبالة سريلانكا أثناء رحلةٍ من سنغافورة إلى ألمانيا.
بعد أربعة أيام من الانفجار الأول، هز انفجارٌ ثان السفينة التي يبلغ ارتفاعها 282 متر، وكان مصدره حاوية أو أكثر مملوءةً بالألعاب النارية التي صُرّح عنها خطأ في بيان السفينة.
توفي اثنان من أفراد الطاقم في الحادث المأساوي، أما السفينة، فقد بقيت طافيةً، ولكن أُعلن عن خسارةٍ كاملةٍ لها وبيعت كخردة، ثم أُعيد بناؤها وعادت للخدمة باسم Norasia Bellatrix.
هيونداي فورتشن – Hyundai Fortune – خليج عدن، 2006
تعرضت سفينة هيونداي فورتشن التي يبلغ ارتفاعها 274 مترٍ لانفجارٍ قوي أثناء توجهها غربًا في خليج عدن في 21 مارس 2006، وانفجرت عشرات الحاويات في هذه الحادثة، ونتج عن هذا الانفجار حقل حطامٍ يقدر بنحو خمسة أميالٍ حول السفينة، وقد اشتعلت النيران الناتجة عن ذلك لعدة أيام.
تخلى جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 27 عن السفينة، وانتشلتهم مُدمرة من البحرية الملكية الهولندية، وقد تعرض أحد أفراد الطاقم لإصاباتٍ غير خطيرة.
سُحبت السفينة في نهاية المطاف إلى صلالة في عمان، حيث قُدرت الأضرار بحوالي 1000 حاويةٍ من أصل 3000 حاوية في الحريق، ولم يُحدد السبب الدقيق للانفجار الأولي.
أُصلحت السفينة في وقتٍ لاحق وأُعيدت إلى الخدمة، ثم أُلغيت في عام 2018.
إم إس سي نابولي – MSC Napoli – القناة الإنجليزية 2007
توسّع صدعٌ في السفينة MSC Napoli التي يبلغ ارتفاعها 275 متر في شهر يناير من 2007، وغرقت بعد تعرضها لطقسٍ قاسٍ في القناة الإنجليزية أثناء رحلتها من بلجيكا إلى البرتغال.
نجح جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 26 في التخلي عن السفينة، تاركينها قبالة كورنوال، في إنجلترا، سُحبت السفينة في النهاية، لكن خشي المسؤولون من أن تنكسر السفينة وتغرق، لذلك أُرسيَت عمدًا في خليج لايم قبالة ساحل برانسكومب.
بعد إزالة الوقود والبضائع، أعادت طواقم الإنقاذ تعويم نابولي في 9 يوليو، ولكن سرعان ما علموا أنها كانت في حالةٍ سيئةٍ للغاية ولا يمكن سحبها، واختاروا إعادتها للشاطئ بعد 3 أيام، ثم استخدم المنقذون المتفجرات لتقسيم الحطام إلى ثلاثة أقسام، والتي أُزيلت لاحقًا بشكلٍ فردي.
كما قيل أنه من البداية إلى النهاية، استغرق إنقاذ MSC Napoli حوالي 924 يوم حتى اكتمل.
رينا – Rena – نيوزيلندا، 2011
ضربت سفينة حاويات رينا التي يبلغ ارتفاعها 224 متر الإسطرلاب المرجاني في خليج بلينتي بنيوزيلندا، بسرعة حوالي 17 عقدة أثناء إبحارها باتجاه تاورانجا في يوم 5 أكتوبر 2011.
أمضت السفينة الأشهر التالية وهي معرضة للعوامل الجوية وتفتت على الشعاب، حيث حاول المنقذون تقليل الأثر البيئي قدر الإمكان.
مع ذلك، نظرًا لقوة الأمواج، انتهى بها المطاف بالانقسام إلى قسمين في يناير 2012، تاركةً المنقذين بخيارٍ وحيد وهو تفكيك الحطام مباشرةً على الشعاب المرجانية.
أسفر الحادث في النهاية عن إطلاق حوالي 200 طن من الوقود الثقيل وفقدان عددٍ كبيرٍ من حاويات الشحن، مما دفع رئيس وزراء نيوزيلندا إلى إعلانه بأن الحطام “أسوأ كارثةٍ بحرية” في تاريخ البلاد.
على الرغم من إزالة الجزء الأكبر من حطام رينا خلال عملية الإنقاذ المعقدة، إلا أن أجزاءً منها لا تزال على الشعاب المرجانية حتى يومنا هذا، بعد أن حكم القاضي في عام 2016 أنه يمكن لمالك السفينة أن يتخلى عن ما تبقى من الحطام.
في أعقاب الحادث، أكدت التحقيقات أن ضابط رينا الثاني كان قد انحرف عن المسار المقصود إلى تاورانجا من أجل الوفاء بالموعد النهائي للقارب التجريبي.
نتيجةٌ لذلك فإن تغيير المسار أخذ السفينة مباشرةً فوق الشعاب المرجانية، ولم يدرك أحدٌ الخطأ حتى فوات الأوان. قُبِض على الربان والضابط الثاني وحكم عليهما بالسجن سبعة أشهر لدورهما في الكارثة.
سفينة إم إس سي – MSC Flaminia – شمال الأطلسي، 2013
تعرضت سفينة الحاويات MSC Flaminia التي ترفع العلم الألماني لسلسلةٍ من الانفجارات وحريقٍ كبير في عنابر الشحن الخاصة بها أثناء رحلةٍ لها عبر شمال المحيط الأطلسي في يوليو 2012.
يُعد حريق MSC Flaminia أحد الحوادث المميتة في قائمتنا، وقد أسفر الانفجار عن مصرع أربعة أرواح، وترك باقي أفراد الطاقم السفينة حيث انتشلتهم سفينةٌ أخرى.
بقيت السفينة التي يبلغ ارتفاعها 300، متر تحترق لعدة أسابيع، مما أدى إلى انتشار الدخان السام في الهواء وإلحاق أضرارٍ جسيمةٍ بالسفينة، وبسبب هذه المخاطر البيئية، حُرمت السفينة من مكانٍ تلجأ إليه لأشهرٍ قبل أن توافق ألمانيا أخيرًا على قبولها في فيلهلمسهافن بعد ثلاثة أشهر تقريبًا من الانفجار الأول.
بعد الحريق، انتهى الأمر بالاتحاد الأوروبي إلى اعتماد إرشاداتٍ جديدةٍ للسفن التي تحتاج إلى المساعدة، ثم أُصلحت السفينة وعادت إلى الخدمة في عام 2014.
سفينة – مول كومفورت – MOL Comfort – المحيط الهندي، 2013
يُعد فقدان MOL Comfort في يونيو ويوليو من عام 2013 الخسارة الأكثر أهميةً في قائمتنا بكل المقاييس تقريبًا، حيث يُصنف فقدانها على أنه أسوأ كارثةٍ لشحن الحاويات في التاريخ الحديث.
في 17 يونيو 2013، تصدعت السفينة وتحطمت إلى قسمين أثناء رحلتها في المحيط الهندي بينما كانت تحمل أكثر من 4000 حاوية.
ترك جميع أفراد الطاقم السفينة بسلام، لكن بقي نصفاها طافيين بينما كان رجال الإنقاذ يراقبون المشهد.
غرق القسم الخلفي بطريقةٍ مذهلةٍ بعد حوالي 10 أيام، بعدها تمكنت قوات الإنقاذ من إرفاق حبل سحبٍ بمقدمة السفينة، لكن النيران اشتعلت فيها لاحقًا لتغرق بعد عدة أسابيع.
تشير التقديرات إلى أن 4293 حاويةٍ قد فُقدَت في الحدث (ما يعادل 7041 وحدة معيارية للحاويات).
وجدت التحقيقات بعد ذلك أن السفينة تعرضت لكسرٍ في عارضة الهيكل، لكن المحققين لم يتمكنوا من تحديد السبب الدقيق للكسر الأولي،
وبغض النظر عن ذلك، أدى الحادث إلى اعتماد قواعد جديدة تتعلق بقوة عارضات سفن الحاويات الكبيرة.
ميرسك هونام – Maersk Honam- بحر العرب، 2018
تعد Maersk Honam التي يبلغ ارتفاعها 353 متر وسعة تبلغ 15262 حاويةٍ نمطيةٍ (وحدة مكافئة لعشرين قدمًا) أكبر سفينة في هذه القائمة، فهي الوحيدة التي يشار إليها باسم سفينة حاوياتٍ كبيرةٍ جدًا، والتي تُعد من بين أكبر السفن الموجودة حاليًا على الماء.
تعد أيضًا واحدةً من أحدث السفن التي دخلت القائمة بعد أن تم تسليمها مؤخرًا بواسطة Hyundai Heavy Industries الكورية الجنوبية في عام 2017.
أبلغت السفينة عن حريقٍ خطيرٍ في إحدى مخازن البضائع يوم الثلاثاء 6 مارس من ذلك العام، أثناء تحميلها بإجمالي 7860 حاوية (مقابل 12416 حاوية مكافئة) بينما كانت تتجه غربًا في بحر العرب على بعد 900 وحدةٍ بحريةٍ جنوب شرق صلالة في سلطنة عمان، وقد أُجليَ حوالي 23 شخصًا من بين 27 من أفراد الطاقم الذين كانوا على متنها إلى سفينة حاوياتٍ أخرى، وللأسف فقد توفي خمسة من أفراد الطاقم نتيجةً للحادث.
بعد أسبوعٍ من اندلاع الحريق، اشتعلت النيران في منطقة الشحن بأكملها من مقدمة السفينة إلى البنية الفوقية.
أكدت شركة Maersk Line أن أربعة من أفراد الطاقم قد لقوا حتفهم وواحد منهم بقي في عِداد المفقودين.
إغلاق قناة السويس بواسطة سفينة إيفر جيفن – Ever Given
في مارس 2021، أُغلقت قناة السويس لمدة ستة أيامٍ بعد جنوح سفينة “إيفر جيفن”، وهي سفينة حاويات سعة 20000 وحدة حاوية مكافئة.
في 23 آذار/ مارس 2021، الساعة 07:40 بتوقيت مصر (05:40 بالتوقيت العالمي)، كانت إيفر جيفن التي يبلغ طولها 400 تمر من قناة السويس، عندما تعرضت لعاصفةٍ رملية. أدت الرياح القوية التي تجاوزت 74 كم/ ساعة، إلى “فقدان القدرة على توجيه السفينة” مما تسبب في انحراف الهيكل، ثم جنحت السفينة عند علامة 151 كيلومترًا، وانحرفت جانبًا غير قادرةٍ على تحرير نفسها، وبذلك أغلقت القناة على كلا الجانبين، ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات.
كانت السفينة مسافرةً من تانجونج بيليباس، ماليزيا، إلى ميناء روتردام بهولندا، وعندما جنحت كانت الخامسة في قافلةٍ متجهةٍ شمالاً، وخلفها 15 سفينة.
صرحت السلطات المصرية بأن سبب الحادث قد يكون بسبب “أخطاء فنية أو بشرية”، حدث الانسداد قرب الممر الجنوبي للقناة، لذلك لم يكن هناك أي طريقٍ للسفن الأخرى لتتجاوز السفينة.
كان لإعاقة القناة تأثير سلبي كبير على التجارة بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط؛ لأنه أحد أكثر طرق التجارة ازدحامًا في العالم.
بحلول يوم 28 آذار/ مارس، كانت 369 سفينةٍ على الأقل تصطف في طوابير للمرور من القناة، مما أدى لتعطيل ما يقدر بنحو 9.6 مليار دولار من التعاملات التجارية.
في 29 آذار/ مارس، أعيد تعويم إيفر جيفن جزئيًا وتحرك 80 بالمائة منها في الاتجاه الصحيح، على الرغم من أن المقدمة ظلت عالقة حتى حُررت السفينة أخيرًا بواسطة القاطرات المصرية والهولندية والإيطالية في الساعة 15:05 بتوقيت مصر (13:05 بالتوقيت العالمي).
فُحصت القناة بحثًا عن التلف، وبعد أن تبين أنها سليمة سمحت هيئة الأوراق المالية والسلع باستئناف الشحن من الساعة 19:00 بتوقيت مصر (17:00 بالتوقيت العالمي) في 29 آذار/ مارس.
حجزت الحكومة المصرية السفينة لاحقًا في 13 نيسان/ أبريل 2021 لرفضها دفع التعويضات التي طالبت بها الحكومة، وهو إدعاءٌ اعتبرته شركات التأمين غير مبرر، وأعلنت الحكومة المصرية بعد الحادث أنها ستوسع الأجزاء الضيقة من القناة.
لحسن الحظ أن الإحصائيات تقول بأن حوادث سفن الشحن ليست كثيرة، لأن ذلك يؤثر على الاقتصاد بالمرتبة الأولى والتبادل التجاري، كما يؤثر بالنهاية على توصيل بضائع العملاء.
مهتمّ بخدماتنا؟
أدخل بياناتك بالفورم أدناه وسنتواصل معك عبر واتساب.