تركيا والإمارات من الدول المستقرة سياسيًا والمتطورة اقتصاديًا، كما أن العلاقات التجارية التركية الإماراتية مهمةٌ لكلا الطرفين، حيث تُعتبر الدولتان من مراكز جذب الاستثمارات، ومن الركائز الاقتصادية في المنطقة، كما حققتا خلال العقد الأخير نهضةً اقتصاديةً لم تستطع أي من دول الجوار تحقيقها. 

تُعتبر الإمارات العربية مجالًا حيويًا للاستثمارات الوافدة، من خلال التسهيلات الاقتصادية والقانونية التي تقدمها للمستثمرين الجدد، أما بالنسبة لتركيا فهي سوقٌ اقتصاديةٌ واعدةٌ حققت خلال فترةٍ قصيرةٍ نهضةً صناعيةً وتطورًا في مجال الاستثمارات العقارية، بالإضافة للتبادل التجاري مع مختلف دول العالم، الذي كان له عوائد جيدة على الاقتصاد التركي، كما أن الحكومة التركية تقدم العديد من التسهيلات للمستثمرين الجدد. 

تاريخ العلاقات التجارية التركية الإماراتية 

تعود العلاقات التجارية التركية الإماراتية إلى بداية تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، حيث افتتحت تركيا سفارةً لها عام 1979، ومنذ تلك الفترة بدأت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين.

تطورت العلاقات التجارية بين الإمارات وتركيا خلال العقد الماضي بالرغم من فتور العلاقات الدبلوماسية والسياسية؛ بسبب الاختلاف في وجهات النظر حول العديد من القضايا السياسية في المنطقة، بالرغم من ذلك كان هناك العديد من الشركات التركية التي تستثمر في الإمارات، وبالمقابل هناك استثماراتٌ ماليةٌ وتجاريةٌ إماراتيةٌ في تركيا.

أهم محطات العلاقات التجارية التركية الإماراتية 

يعتبر عام 2005  قفزةً في العلاقات الاقتصادية بين البلدين؛ حيث قامت العديد من الشركات الإماراتية بالاستثمار في السوق التركية وخاصةً في مجال العقارات، وتُعتبر شركة أبراج كابيتال الإماراتية هي أكثر الشركات استثمارًا في السوق التركية، وقد بلغت الاستثمارات التجارية الإماراتية في تركيا حوالي 4.3 مليار دولار في عام 2008. 

بالمقابل فإن الإمارات تُعتبر سوقًا مزدهرًا وواعدًا بالنسبة للمستثمرين الأتراك في مجال العقارات وقطاع الإنشاء، فقد أنفقت الشركات التركية عام 2013، ما قيمته حوالي 8.5 مليار دولار  على عشرات المشاريع الإنشائية في الإمارات. 

أما بالنسبة  للتجارة بين الدولتين؛ تقوم تركيا بتصدير العديد من السلع التجارية والمواد الغذائية والمفروشات والصناعات المعدنية والمعدات الكهربائية، والألبسة إلى دولة الإمارات.

هناك شركات استثمارٍ تركيةٍ في السوق الإماراتية، فبالإضافة للشركات الإنشائية والعقارية هناك شركاتٌ ذات  نشاطٍ تجاري وصناعي، وقد وصلت العلاقة الاقتصادية بين الدولتين إلى ذروتها في عام 2015، حيث اعتُبِرت الإمارات أكبر شريك اقتصادي لتركيا على مستوى دول المنطقة، بينما كانت تركيا الشريك 15 مع الإمارات على مستوى العالم، مع العلم أن العلاقات التجارية بين تركيا والإمارات قد حققت طفرةً تجاريةً عام 2017، حيث بلغت قيمة المعاملات التجارية حوالي 14 مليار دولار. 

أما في عام 2019 فقد بلغ حجم التجارة المتبادلة بين الدولتين 7.4 مليار دولار، وفي نفس السنة بلغت قيمة الصادرات التركية إلى الإمارات 3.5 مليار دولار أمريكي، بينما بلغت وارداتها من الإمارات 4.33 مليار دولار. 

أهم الاستثمارات الاقتصادية بين تركيا والإمارات 

وصل عدد المقيمين الأتراك في الإمارات إلى 10 آلاف مواطن، بينما وصل عدد الشركات التركية التجارية المسجلة في الإمارات إلى 69 شركة، ووصلت عدد الوكالات التجارية لحوالي 73 وكالة، بينما بلغ عدد العلامات التركية المسجلة في دولة الإمارات ما يقارب 1713 علامة تجارية، كما أن عدد السياح الإماراتيين في تركيا وصل إلى  حوالي 45 ألف سائح في السنة. 

كما شَيّدت شركة إعمار الإماراتية – الشركة التي شيدت برج خليفة- استثماراتها في متنزهٍ في مدينة أنطاكية على مساحة 639 ألف مترٍ مربع بقيمة مليار دولار تقريبًا في عام 2016.

تقوم أيضًا مجموعة كابيتال الإماراتية باستثمار مبلغ 9 مليار دولار في السوق التركية، أما بالنسبة لشركة موانئ دبي العالمية فقد استثمرت بواحدٍ من أكبر الموانئ البحرية في تركيا وهو ميناء ياريمشا.

تُعد الإمارات في المرتبة 12 على مستوى العالم كأكبر مستوردٍ للسلع التركية، وهي في المرتبة التاسعة عالميًا كمصدرٍ للبضائع إلى  السوق التركية، أما بالنسبة لتركيا تُعتبر سادس أكبر مستوردٍ من الإمارات. 

تؤكد العديد من التقارير ازدياد حجم الاستثمارات الإماراتية في السوق التركية، وخاصةً في قطاع العقارات وبناء الفنادق والمنتجعات، بالإضافة إلى تشييد الفلل في العديد من المناطق السياحية التركية وخاصةً أنطاليا وبورصة وطرابزون، حيث تنشط الشركات الإماراتية في بناء الشقق السكنية في رأس مالٍ قدره 500 مليون دولار.

تراجع العلاقات التجارية التركية الإماراتية 

 لقد أثرت التوترات السياسية في المنطقة وبين الدولتين على علاقاتهم الاقتصادية، فتوقفت العديد من المشاريع الاقتصادية والتجارية في كلا الدولتين، كما أوقفت الإمارات منح تأشيرات دخولٍ للمواطنين الأتراك، بالإضافة لاستدعاء سفيرها من تركيا. 

في عام 2021، عادت بارقة الأمل لإنعاش العلاقات الاقتصادية بين الدولتين بعد زيارة الشيخ طحنون بن زايد إلى أنقرة.

وبناءً عليه من المتوقع أن تعمل تركيا والإمارات على تعزيز علاقاتهما الاقتصادية نتيجة تَحسُن العلاقة السياسية والدبلوماسية، حيث تُعتبر أسواق الدولتين أسواقًا واعدةً وآمنةً للمستثمرين، فأهمية تركيا بالنسبة للإمارات هي أن تركيا تشكل سوقًا كبيرًا ومهمًا بالنسبة للمنتجات الإماراتية، بالإضافة لقربها من الأسواق الأوروبية، كما أنها نافذةٌ للإمارات على الأسواق الآسيوية، بينما تكمن أهمية الإمارات التجارية بالنسبة لتركيا كونها مركزًا تجاريًا يربط الشرق مع الغرب.