لا يكفُّ التطور في عالم الشحن عن إبهارنا يومًا بعد يوم، فقد أصبح الشحن هو شريان حياتنا غير المرئي الذي يربط بين الناس في جميع أنحاء العالم، وعند تصفحنا في عالم الشحن الخفيّ ومحاولة اكتشاف المزيد عنه؛ دائمًا ما نسمع بمُصطلحاتٍ جديدةٍ بالنسبة لنا.

 هذه المُصطلحات تُعدّ في غاية الأهميّة وبفضلها نحظى بأبسط حاجياتنا التي نَعتبر وجودها أمرًا مفروغًا منه، ومن المصطلحات التي سنصادفها في عالم الشحن مُصطلح البضائع السائبة الذي سنتعرف عليه معًا في هذا المقال.

فما هي البضائع السائبة يا تُرى؟ وكيف يتمُّ نقلها من مكانٍ إلى مكان؟ لنتعرف معًا على البضائع والسلع السائبة!

ما هي البضائع السائبة؟

يشير مصطلح البضائع السائبة إلى البضائع والسلع المُختلفة التي يتم شحنها غير مُعبأةٍ أومُغلفةٍ في طرودٍ أو مُستوعباتٍ يسهلُ التعامل معها وشحنها، وإنّما تتدفق هذه البضائع بحُرِّيّة، ويتمّ استخدام ناقلاتٍ خاصّةٍ للقيام بعملية شحن البضائع السائبة.

يشمل مُصطلح البضائع السائبة العديد من السلع التي نقوم باستهلاكها في حياتنا اليومية، ويمكن أن تكون هذه البضائع جافّةً أو سائلةً؛ سائلةً مثل النفط والغاز والزيت أو جافّةً مثل الحبوب والسكر والفحم والصخور والأتربة.

كيف يتم نقل وشحن البضائع السائبة؟

تختلف طُرق نقل وشحن البضائع السائبة باختلاف نوعها، حيث تتطلب كلٌ من البضائع السائبة الجافة والبضائع السائبة السائلة وسيلة نقلٍ مُحددةٍ ومُجهزةٍ بشكلٍ مُختلفٍ عن الأُخرى مع اختلاف عملية المُناولة.

البضائع السائبة الصلبة

البضائع السائبة الصلبة أو الجافة هي أيُّ موادٍ يمكن نقلها من المصنع نفسه أو المنجم أو الحقل أو موقع المنشأ، وتتضمن عمومًا استخدام الرافعات أو الصوامع أو القواديس أو أحزمة النقل لنقلها من مكانٍ لآخر وإلى مخازنها.

 يشتمل هذا النوع من البضائع السائبة على العديد من المواد مثل الحبوب بأنواعها (فول الصويا والقمح…)، والمعادن مثل الفحم أو البوكسيت، والمواد الكيميائية الجافة مثل الأسمدة وعناصر أخرى مثل الخشب والملح و الإسمنت وغيرها الكثير.

تُستخدم ناقلاتٌ خاصّةٌ لشحن هذه الأنواع من البضائع مثل السفن التجارية الكبيرة المصممة خصيصًا لنقل السوائب الصلبة، وهي تتكون من سطح تشغيلٍ واحدٍ يحتوي على عدة فتحات عادةً ما تكون فرديةً، وبواباتٍ منزلقة على أحد الجانبين أو كلاهما حيث توجد أغطية الفتحات.

 يمكن أن يصل وزن هذه السفن الكبيرة الحجم إلى 200000 طن. لا يقتصر نوع الشحن هنا على البحري، بل يتوفر أيضًا شاحناتٌ خاصّة تحمل مُستوعباتٍ لنقل هذا النوع من البضائع بالإضافة إلى تخصيص قطاراتٍ مزوّدةٍ بمخازن لشحن البضائع السائبة عن طريق البرّ.

البضائع السائبة السائلة

من ناحيةٍ أُخرى، فإنّ البضائع السائبة السائلة هي أيّ مادةٍ يمكن أن تتدفق بحريةٍ، ويتم تحميلها وتفريغها بشكلٍ طبيعي باستخدام خطوط الأنابيب ومحطات الضخ. 

على عكس البضائع السائبة الصلبة، يتمّ نقل هذا النوع من السوائب في خزاناتٍ مصممةٍ خصيصًا لحمل المواد السائلة. تشمل هذه الأنواع من السلع المواد الكيميائية والزيوت والغاز الطبيعي والمواد النفطية السائلة ومشتقاتها.

الغاز والنفط  هما أكثر السلع التي يتم شحنها، ويجب نقلها في سفنٍ مصممةٍ خصيصًا لهذا الغرض. هذه الأنواع من السفن مسؤولةٌ عن نقل الأنواع المختلفة من السوائب السائلة في خزاناتها أو رواسبها الخاضعة لإجراءات السلامة الصارمة، حيث أنّ أيّ تسرّبٍ من الناقلات قد يُسبب كارثةً كبيرةً فنرى أنّ معظم ناقلات النفط التي يتم شحنها حول العالم قد تمّ بناؤها بهيكلٍ مزدوج لزيادة قوة هياكلها.

 على غرار السفن التي تنقل البضائع السائبة الجافة، فهذه سفنٌ كبيرةٌ جدًّا أيضًا، حيث يمكن أن تحمل وزنًا يزيد عن 400000 طن.

ما هي الصناعات التي تستخدم شحن البضائع السائبة؟

يتمّ استخدام البضائع السائبة على اختلاف أنواعها في العديد من الصناعات، حيث تحتاج مواقع البناء والإنشاءات إلى نقل الأوساخ والصخور والأتربة  ومُخلفات البناء من موقع البناء إلى مكانٍ آخر، أو قد يتمّ استخدامها من أجل الردم وغيره من أعمال الإنشاءات. 

تحتاج الزراعة أيضًا إلى شحن البضائع السائبة بشكلٍ كبيرٍ للحصول على علف الماشية أو البذور. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد صناعة التعدين على شحن القطع المعدنية وخام الحديد والفحم وغيرها من المواد بشكلٍ أساسيٍّ، ولا ننسى صناعات الهندسة الكيميائية أو محطات الطاقة التي تحتاج إلى شُحنات غاز النيتروجين السائل أو البترول والسوائل الأخرى ذات الصلة.

ما هي أبرز الصعوبات والمشاكل التي تواجه الشركات في شحن البضائع السائبة؟

هناك العديد من الصعوبات والمخاطر في مجال شحن البضائع السائبة، نذكُر منها ما يلي:

1. حركة البضائع

 يمكن لبعض أنواع البضائع السائبة أن تُسبب اختلالًا في التوازن أثناء عملية النقل بسبب طبيعتها، حيث أنّه من الممكن لبعض أنواع البضائع أن تتدحرج أو تتحرك من مكانٍ لآخر ضمن المستوعب، مما قد يشكل خطرًا كبيرًا قد يؤدي إلى انقلاب السفينة

2. سقوط البضائع

 تُعتبر البضائع مثل خام الحديد والكوارتز وخردة الفولاذ من البضائع عالية الكثافة. هناك احتمالٌ لسقوط البضائع أثناء عمليات الشحن، حيث قد تسقط البضائع من حزامٍ ناقلٍ إلى السفينة أو من خطاف التفريغ على سطح السفينة، ويمكن أن يصاب الأشخاص الذين يعملون على سطح السفينة بجروحٍ بالغةٍ، بالإضافة إلى الأضرار المادية الجسيمة التي يسببها هذا الأمر.

3. تسييل البضائع

التسييل هو ظاهرةٌ تتحول فيها البضائع السائبة الصلبة فجأة من حالةٍ صلبةٍ جافةٍ إلى حالةٍ شبه سائلةٍ. العديد من الشحنات السائبة الشائعة، مثل حبيبات خام الحديد وخام النيكل ومركزات المعادن المختلفة هي أمثلةٌ على المواد التي قد تسيل.

 يحدث التسييل نتيجة انضغاط الحمولة الذي ينتج عن اهتزازات المحرك وحركة السفينة وتأثير التدحرج والأمواج الذي يؤدي إلى التسييل، وينتج عن التسييل حالة تدفقٍ تسمح للحمولة بالانزلاق والتحول في اتجاهٍ واحدٍ، وبالتالي تقليل استقرار الناقلة.

4. التلوث

يُعدّ إعداد عنابر الشحن وتجهيزها لعملية النقل التالية عنصرًا حاسمًا في عمليات ناقلات البضائع السائبة. يمكن أن يؤدي الافتقار إلى الإعداد المناسب إلى تأثيرٍ على جودة البضائع أو إصابتها بالتلوث أو دخول المياه، حيث يمكن أن تلوث بقايا وأتربة الشُحنة السابقة البضائع السائبة المحملة حاليًا، وعلى سبيل المثال: عندما يتلوث الإسمنت ببقايا البضائع السابقة، يقلل هذا الأمر من قدرته على الارتباط وبالتالي يفقد جودته.

5. الحرائق

يمثل نقل البضائع السائبة خطرًا كبيرًا، حيث تميل العديد من الشحنات السائبة إلى التسخين بسبب عملية الأكسدة التي تحدث أثناء الرحلة. الشحنات الشائعة مثل الفحم والكبريت والقطن عُرضةً للتسخين التلقائي، على سبيل المثال: ينبعث من الفحم غاز الميثان القابل للاشتعال وعند مزجه مع الهواء يمكن أن يشكل خليطًا متفجرًا.

تتعرض شركات الشحن إلى الكثير من المشاكل والأضرار أثناء شحن البضائع السائبة، أهمها تعرّض حياة العمال للخطر، بالإضافة إلى المخاطر البيئية في حال حصول تسريبٍ، وتآكل هياكل الناقلات والأضرار التي تُصيبها، تحاول الشركات دائمًا أن تتغلب على هذه المشاكل وأن تأخذ كل تدابير السلامة اللازمة إلا أنّ الحوادث تقع في بعض الأحيان للأسف الشديد.

ختامًا، يمكننا القول أن البضائع السائبة سلاحٌ ذو حدّين بالنسبة للجميع. فالناس بحاجةٍ ماسّةٍ إليها إلّا أنّ نقلها وشحنها من مكانٍ لآخر أمرٌ لا يخلو من المخاطر بالنسبة لشركات الشحن والعاملين فيها وحتى البيئة.

المصادر: 1 – 2 – 3 – 4